صرخاتها أرعبت الحي… لكن خلف الصوت قصة عن التنمر والشفاء النفسي!
كانت الساعة تقارب منتصف الليل عندما دوى صراخها من جديد… صراخ يمزق سكون الحي الصغير ويوقظ كل من فيه. البعض كان يغلق نوافذه بسرعة، وآخرون يكتفون بالتنهيدات وكلمات الشكوى المعتادة: “ليست ليلة جديدة… إنها تصرخ من جديد!”
الفتاة التي تسكن في الطابق العلوي من المبنى القديم، لم يعرف أحد اسمها الحقيقي. اعتاد الجميع على تسميتها بـ”المجنونة”، لا لشيء إلا لأنها تصرخ كل ليلة. لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب من شقتها، ولا حتى طرق بابها. كانت تعيش وحيدة، مع ستائر مغلقة دائمًا، وصوت حاد يُبثّ في الهواء كأنما هو استغاثة لا يسمعها أحد.
الغموض الذي أرعب الجميع
مرت شهور على هذا الحال، والناس بدأت تشعر بالرعب الحقيقي، خاصة مع القصص التي بدأت تنتشر في الحي: “لقد شاهدتها ذات ليلة تتحدث مع نفسها”، “وجهها مشوه تمامًا”، “يقال إنها قتلت أحدهم في الماضي”، وغيرها من الخرافات التي غذت الخوف الجماعي.
لكن “سامر”، أحد الجيران الجدد، لم يكن مقتنعًا بهذه القصص. كان شابًا هادئًا، انتقل للسكن في نفس المبنى قبل أسابيع فقط. لم يكن صراخها يخيفه بقدر ما كان يثير فضوله وحزنه. في ليلة من الليالي، وبعد أن سمع صراخها يبكي كطفل مجروح، قرر أن يطرق بابها.
الصدمة… وحقيقة لا تُحتمل
لم تجبه في البداية، لكنه لم ييأس. عاد في اليوم التالي حاملاً صندوقًا صغيرًا يحتوي على وجبة ساخنة من المطبخ. وضعها أمام بابها وغادر. تكرر هذا الفعل لعدة أيام، حتى فتحت الباب أخيرًا… وهناك كانت الصدمة.
كانت شابة في منتصف العشرينات، لكن وجهها كان يحمل ندوبًا واضحة، ربما من حادث قديم أو حروق. كانت عيناها مليئتين بالخوف والتردد. نظرت إلى سامر وكأنها لا تصدق أن أحدًا يبتسم لها دون سخرية.
دعته للدخول بعد صمت طويل. وهناك، جلس سامر يستمع إلى الحكاية التي غيّرت نظرته للأمر تمامًا. لقد تعرضت لحادث في صغرها شوه ملامحها، ومنذ ذلك اليوم أصبحت هدفًا للتنمر والضحك والسخرية، في المدرسة، في الشارع، وحتى من بعض الأقارب. أصيبت بعدها باضطراب نفسي حاد، وأصبحت تعاني من نوبات هلع وكوابيس ليلية تدفعها للصراخ دون وعي.
الشفاء يبدأ من كلمة طيبة
سامر لم يخبر أحدًا بما سمعه. لكنه قرر أن يفعل شيئًا يغير حياتها. تحدث مع بقية الجيران، وأقنعهم بأن هذه الفتاة لا تستحق الخوف بل التعاطف. في البداية قوبل بالرفض والاستهزاء، لكن مع الوقت، بدأ البعض يشعر بالخجل من ردود أفعالهم الماضية.
اقترح سامر تنظيم مفاجأة صغيرة لها بمناسبة عيد ميلادها – والذي عرف تاريخه من بطاقة قديمة وجدها مرمية في صندوق البريد. اشتروا كعكة، وزينوا مدخل المبنى، ووقف الجميع أمام شقتها في ذلك المساء البارد، يطرقون الباب للمرة الأولى لا ليشتكوا… بل ليقولوا: “كل عام وأنت بخير”.
لحظة لا تُنسى
حين فتحت الباب ورأت الوجوه التي كانت تخاف منها، وقد جاءت لتحتفل بها، لم تتمالك دموعها. بكت… ليس من الحزن هذه المرة، بل من شعور نادر لم تعرفه منذ سنوات: القبول. المحبة. الاحترام.
كانت تلك الليلة نقطة تحوّل. لم تتوقف صراخاتها فجأة، لكنها أصبحت أقل توترًا، وبدأت في تلقي العلاج. حتى إنها خرجت من المنزل للمرة الأولى منذ سنوات، وجربت الوقوف في الشمس، وشراء الخبز بنفسها، مبتسمة.
فقرة للعبرة: جبر الخواطر معجزة لا تحتاج مالًا
في عالم يمتلئ بالقسوة والتنمر، أحيانًا لا يحتاج الإنسان لأكثر من كلمة طيبة، نظرة احترام، أو لفتة صغيرة تُعيد إليه إيمانه بالحياة. جبر الخواطر لا يُكلف شيئًا، لكنه قادر على ترميم أرواح مكسورة، وإحياء قلوب ماتت من الوحدة.
لقد كان سامر مجرد جار عادي، لكنه تحوّل إلى سبب مباشر في شفاء فتاة كانت تضيع في الظلام. ليس لأنه قدّم المال، بل لأنه قدّم الاحترام.
خاتمة: التنمر والشفاء النفسي… معركة داخلية لا يراها الجميع
ليست كل صرخة جنونًا، وليست كل عزلة مرضًا. خلف كل صراخ قد يكون جرحًا قديمًا لم يُداوَ، وخلف كل وجه مخيف قلب يبحث عن الدفء. هذه القصة ليست فقط عن فتاة صرخت ليلاً… بل عن مجتمع صمت طويلاً، حتى قرر أن يسمع.
📚التصنيفات :
قصص حب و رومانسية و خيانة و زواج |
قصص حزينة عن الحياة و العائلة |
قصص حصرية قصص واقعية و مؤثرة |
قصص رعب و غموض |
قصص نجاحات و طموح |
نشرت بواسطة جريدة الرجوع الى الصفحة الرئيسية